وهي أمّ يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. كانت ذات جمال باهر، أعجب بها معاوية ,هيّأ لها قصرًا مشرفًا على غوطة دمشق، ووشّاه بأنواع الزّخارف وأواني الفضّة والذّهب والدّيباج الرّوميّ، وملأه بالوصائف والخدم، ثمّ أسكنها هذا القصر ظنًا مِنْه أنّ ذلك يبهرها، ولكنّ ميسون تذكّرت نجدًا مسقط رأسها وحنّت إلى الأهل فبكت، فأنشدت:
لبيتٌ تخفـقُ الأرياحُ فيـهِ
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قصـرٍ مِنْـيفِ
ولبسُ عـباءةٍ وتقـرَّ عينـي
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لبسِ الشّفوفِ
وأكلُ كسيرةٍ في كسرِ بيتـي
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أكـلِ الرغيفِ
وأصواتُ الرِّياحِ بكـلِّ فـجٍّ
أحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَقْـرِ الدّفـوفِ
وكلبٌ ينبـحُ الطُّرّاقَ دُونِـي
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ هـرٍّ أليــفِ
وبَكرٌ يَتْبعُ الأظـعانَ صعـبٌ
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بعـلٍ زفـوفِ
وخرقٌ مِنْ بـني عَمِّي نحيفٍ
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ علـجٍ عنـوفِ
خشونةُ عِيْشتي في البَدوِ
أَشهَى إِلى نفسِي مِنْ العيشِ الطّريفِ
فما أَبغِى سوى وطني بديـلاً
وما أبهاهُ مِنْ وطنٍ شريـفِ
فليس بالهين هذه القفزة الانتقالية فقد يطول التاقلم للمدينة ، ويصحب التغيير ثلاثة احتمالات اما الانحراف عن المراد واما التغيير للاحسن واما التذبذب بين ذلك فيصبح كَلا على وجهه هيمانا اينما توجهه فهو يسير حتى يستقر وترون ذلك راي العين.